طوال سني الدراسة يمر على الطالب عشرات المعلمين..
غير أن أحدهم أو بعضا منهم لا يكون مروره عاديا كالبقية..
فهو يغرس في نفوس طلابه حلما..
ويحيي أملا..
ويضيء شمعة لا يمكن أن تطفئها صعوبات الحياة..
هذا المعلم يمكنني أن أسميه المعلم الملهم..
من هو المعلم الملهم؟
هو الذي تتعدى أهدافه حدود الصف مكانا..
وحدود السنة الدراسية زمانا..
فهو حريص على أن يوقد همة طلابه ليكون أثره ممتدا حتى بعد انتقالهم من صفه إلى الصفوف الأخرى..أخلاقيا وعلميا ومهنيا..
لماذا علي أن أكون ملهما؟
يظن بعض المعلمين أن الإلهام عبء إضافي يعرقل سير العمل ويؤدي إلى تأخر المناهج الدراسية..ويحتاج إلى الكثير من المهارات لكي يمارس المعلم دوره الإلهامي..
غير أن الإلهام أداة عجيبة تزيد من دافعية المتعلم.. وتكوين توجه إيجابي نحو التعلم والتعليم والمادة الدراسية والمجتمع والحياة..
وهو يزيد من تقدير الطالب لذاته ولزملائه في الصف فيرى أن في داخل ذاته طاقة كامنة يمكنه استغلالها في بناء حياته ومجتمعه مستعينا بالله ثم بالمعرفة التي يصنعها في الحصة الدراسية..
وهو يعزز هيبة المعلم في نفوس طلابه مما يجعل من إدارة الصف متعة ويسهل على المعلم تقديم درسه وعرضه دون أية عوائق هادمة أو مزعجة..

كيف أكون ملهما؟
لكي تكون ملهما عليك أولا أن تؤمن بأن في ذات كل إنسان أحلام تستحق التقدير..وقدرات يجب أن توظف بطريقة صحيحة..
وظروف قد تُغَيّب الإنسان وتحرمه من رؤية هذه القدرات أو استخدامها..
وأن دورك هو أن توقظ هذه الأحلام النائمة..وتبرز هذه القدرات..وتهون من الظروف المحيطة.
إضافة إلى ذلك يجب أن يكون المعلم الملهم قائدا..
فسلوكه وقيمه لا تتغير بتغير المكان..
فالمعلم الملهم قدوة في الصف وقدوة خارج الصف..
وهو قدوة في المدرسة كما أنه قدوة خارجها..
وهو كذلك صادق في مشاعره..
ومخلص في حبه لطلابه..فلا يسخر من أشكالهم أو تصرفاتهم أو أخطائهم..أو مشاعرهم..
والمعلم الملهم متمكن فيما يقدمه في مجال عمله فمادته العلمية قوية..وثقافته عالية..
وقدرته على الربط بين مادته والمواد الأخرى والحياة لا تعرف حدودا..
المعلم الملهم حسن المظهر..
وعلاقته إيجابية بزملائه..
ولا يسمح لطلابه بأن يغتابوا أو يبهتوا زميلا له في غيابه..
ويتعامل مع المشكلات التي تعترضه كمشكلة عمل ولا يشخصن المواقف..
والمعلم الملهم مبدع في غالب أيامه ولا يخفي إبداعاته عن طلابه إلى حين حضور مشرف أو مدير ..
ما الذي يفعله المعلمون الملهمون ؟
يحفز المعلم الملهمطلابه لكي يقوموا بالتعلم..
ويسمح بالمحاولة والخطأ دون ترهيب أو تخويف..
وهو يعزز السلوكيات الصحيحة مهما كانت بسيطة..فهو يؤمن بأن النجاحات الصغيرة طُعم يغري الطالب لكي يحصل على نجاحات أكبر..
المعلم الملهم يشجع على العمل التعاوني..
ويحترم الاختلافات بين طلابه..ويسعى إلى إشباعها..
وهو يستغل حصته الدراسية ليزرع العديد من القيم كالصدق والأمانة والتعاون والمبادرة وحب الوطن.. بالسلوك أولا والكلام ثانيا..
والمعلم الملهم يكشف للطالب قيمة المعلومات التي يتلقاها في الصف ويساعده ليحولها إلى معرفة يمكنه استخدامها في حياته..
المعلم الملهم مثابر لا ييأس من ردود الأفعال الوقتية..
ويدرك أن كلامه الإيجابي سيثمر ولو بعد حين..
وهو مبادر ولا ينتظر الفرص إلى أن تحدث ولكنه يصنعها بنفسه..
فهو الذي يخلق المواقف التربوية المؤثرة..
ويبادل الممارسات اليومية الصادرة من الطلاب بردود أفعال خلاقة تصنع اختلافا وقيمة في حياة الطلاب..
المعلم الملهم يرى أنه صاحب رسالة..وليس مجرد موظف يرزح تحت أنظمة عمل غير منصفة..وهو بذلك يعلو ويرتفع عن الإحباطات التي يتلقاها من جهات أخرى كالأقران أو القادة أو المشرفين..
المعلم الملهم يرى في كل طالب مشروع مواطن ناجح..
ويرى في كل يوم فرصة جديدة ليمنح وليصفح وليعطي الآخرين ولذاته فرصة لكي يظهروا أفضل ما لديهم..
الكاتبة / هناء أحمد الحمراني
1437/5/21 هـ
مشرفة تربوية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق