الأحد، 27 أكتوبر 2019

عندما يهان المعلم

ph10
عندما يهان المعلم فماذا تتوقع أن تكون النتائج ؟

إنها ستكون كارثية وستتعدى شخص المعلم لتطال الجيل الذي يعلمه وقد تصل إلى حدّ تدمير الأمة لتصبح "أمة في خطر".
وليست إهانة المعلم قاصرة على الصورة الذهنية التي تتداولها وسائل الإعلام وتتضاحك بها النكت والأفلام ، بل هي أبعد من هذا إنها تتعلق بمسئولية مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية ودورها في إعداد المعلم وتطويره وتحفيزه.
وأول الإهانات هي طريقة اختيار الملتحقين للتخصص في التعليم فهي لم تتعد سجل رغبتك والقبول حسب أعداد المقاعد دون قياس لنوع الشخصية التي تؤسس لبناء مربٍ عظيم تنتظره الأمة.
وثاني هذه الإهانات التي تلحق بالمعلم العربي تتمثل في طريقة إعداده في كليات ومعاهد التربية التي مازالت تمارس نفس أعمالها منذ نصف قرن دون أي تطوير للأهداف أو المحتوى نعم هنالك تحديثات في الوسائل لكنها تبقى في القشور ولم تصل إلى لبّ عملية الإعداد.
ومن الإهانات كون وظيفة المعلم غير متميزة عن غيره مع أننا نعلم جميعاً أنه لا يعدل أهمية مهنة الطبيب والمعلم أيّ مهنة أخرى .
ثم يُهان المعلم حينما يبقى سنوات طوال دون خطة لتطوير أداءه وتدريبه بطريقة علمية وإذا كان ذا طموح استخدم أسلوب المحاولة والخطأ حتى يصل لأفضل طريقة يتعامل بها مع طلابه وقد يذهب ضحية لهذه المحاولات أجيال من الطلاب.
و يُهان المعلم على رأس العمل حينما لا تُفرق الأنظمة بين المعلم المتميز وبين المتوسط وبين السيئ.فلا حوافز ولا تعزيز ولا أنظمة حماية ودفع لتطوير الأداء و لا تُحدثني عن جوائز وحفلات فهذه إحدى إشكاليات التحفيز لأنها نمطية ومغلقة.
ومن أكبر أشكال إهانة المعلم أن يتساوى القديم والجديد والمتميز وغير المتميز ولا يتقدم إلا أحد اثنين إما صاحب واسطة أو من رضي عنه رئيسه وأنتم تعلمون كيف يمكن أن يرضى الرئيس!!.
وحين يتحدثون عن المعلم لقياس أداءه فمقياسهم الوحيد هو درجات الطلاب في الاختبارات التحصيلية العامة دون قياس لمدى الجهد الذي يبذله مع طلابه ومدى إتقانه لطرق التربية في تعليمهم.وهنا يشعر كثير من المربين بإهانة بالغة حين لا يرى أحد جهودهم.
ولنعلم أن أكبر وأشد الإهانات للمعلم عدم الثقة فيه ومعاملته على أنه سبب ضعف التعليم مع أنه آخر الأسباب وأضعفها ؛ فطريقة اختياره ضعيفة وتدريبه غير مناسب ودفعه للإمام يسير ببطء السلحفاة ومكانته في المجتمع تسير إلى الخلف.
وجولة في البلاد الأولى في التعليم مثل فنلندا وسنغافورة وكوريا واليابان تعطيك إجابة على معنى المعلم الحقيقي الذي يفخر بمجتمعه ويفتخر مجتمعه به ؛ فطريقة اختيار المعلم وتأهليه وإعطاءه حقه وتحفيزه والثقة المتبادلة بينه وبين المجتمع كلها تجعل عملية التربية والتعليم تسير إلى الأمام ولا مجال فيها للرجوع إلى الوراء.ولم يأت هذا بين يوم وليلة بل استغرق عقودا من البناء والتقويم.

خالد بن محمد الشهري
بنك الخبرات التربوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق